- باحثاً عن ولي أعتقد في ولايته ووصوله وأملأ عيني من ضياء علمه ونوره.. ذهبت شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً وأعياني البحث حتي وجدت نفسي بعد تطواف طويل أسند ظهري إلي جدار بأحد المساجد وكأني ألتقط أنفاسي من عناء البحث ونظرت أمام عيني وفي يدي فما وجدتني إلا خالي الوفاض أعود صفر اليدين.. ولن أغوص في تفاصيل تلك التجربة
ولن يكون هناك شهادة أفضل من شهادة خصم لك فقد ذكر جولوا أحد علماء الحملة الفرنسية في دراسته عن مدينة رشيد في موسوعة وصف مصر قائلاً (وفي المساء عندما ينادي المؤذن الناس من فوق مآذنهم للصلاة فليس ثَم ماهو أكثر روعة من منظر مدينة رشيد، فالناس يتوجهون
جموعاً وفي صمت إلي المسجد ويذهب العدد الأكبر من هؤلاء ممن لا يملكون وسيلة للوضوء في بيوتهم أو حدائقهم إلي شط النيل لآداء هذا الواجب ثم يؤدون صلاتهم متخذين قبلتهم الكعبة المقدسة، ويأتي الذين
يحوزون علي سجاجيد منهم وهؤلاء عدد بالغ الضآله ببسطها علي الأرض لأداء هذه الفريضة الدينية، أما أولئك الذين لا يملكون سجاجيد فيستعيضون عنها بالعمامة التي تغطي رؤوسهم، وما أن ينقضي وقت الصلاة أي ما أن يَقدم الليل حتي يعود السكان إلى بيوتهم، وبعد ذلك لا يمكنك أن تقابل في الشارع فرداً واحداً، وتضئ المدينة أثناء الليل فوانيس مُعلقه فوق مداخل البيوت) ما كل هذا الانضباط والإيمان الذي تميز به المصريون المحدثون؟!.
وما بالنا اذاً بالمصريين القدماء؟! وربما يتبادر سؤال خبيث إلى الذهن: إذا كان هذا هو حال المصريين زمن الحملة الفرنسية فلماذا احتل نابليون مصر؟!
ياعزيزي.. ما بالك وأنت تقود سيارتك هادئاً مطمئناً إذ تفاجئ بمن يصطدم بسيارتك من الخلف أو أن يقف أمامك فجأة فتصطدم أنت به أو يكون هناك سيارتان يتصارع قائداهما علي الطريق فيصطدما بك (وأنت لا بيك ولا عليك) فهل يقدح في تهشم سيارتك كونك كنت تسير هادئاً في طريقك آمناً في سربك!!..
بالطبع لا.. إذا كان هذا حال العرب والمصريين والمسلمين قديماً فقد كانت بلادهم تتزين بأولياء الله الصالحين، أما الآن وقد صاروا هشيماً تذروه الرياح فمن أين لهم بالأولياء؟..
متي تنفجر الأرض عيوناً تسيل منها أنوار أولياء الله الصالحين..؟.
..وقد توصلت إلي الإجابة.. وهي أننا لم نعد جميعاً أهلأ لملاقاتهم.. بل حتي أننا لم نعد أهلاً لنراهم.. هجر المسلمون المسجد فلا يصلون فيه إلا قليلاً.. وهجر المسلمون فريضة الزكاة بالكلية فلم يعودوا يؤدونها ولايعلمون أحكامها وكأنها إحدي مسائل الرياضيات أو إحدي نظريات الهندسة.. وصار القيام ليلاً في المقاهي وأمام شاشات التليفزيون.. أما عن الحج والعمرة فلا حول ولاقوه إلا بالله العلي العظيم...
فإذا كان هذا هو ما فعلناه بأعمدة الإسلام التي بني عليها الدين وقامت عليها العقيدة..
فأين نحن من أركان الدين...
أيها الناس لننضبط كما انضبط أجدادنا ليرضى عنا ربنا، ولنتذكر تلك الآية الكريمة (قل إن أصبح ماؤكم غورًا فمن يأتيكم بماء معين) سورة الملك.